أعلنت الحكومة الألمانية عن حزمة إغاثة بقيمة 65 مليار دولار من أجل المساعدة على تخفيف العبء على المواطنين الذين يواجهون ازدياد التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة التي تفاقمت مع الحرب الروسية الأوكرانية – ودفعت القادة الأوروبيين للمسارعة في إعداد القارة لفصل الشتاء.

هذه الحزمة هي الثالثة والأكبر التي يعلن عنها ائتلاف المستشار أولاف شولتز في إطار رده على أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، والتي دفعت بلداناً غربية إلى فرض عقوبات قاسية على موسكو والتعهد بتقليص مشتريات النفط والغاز الروسيين. ومع ارتفاع أسعار الطاقة في وقت تحاول فيه أوروبا وقف اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي، واجتماع طارئ لوزراء طاقة الاتحاد الأوروبي مقرر قبل أسبوعين، يسارع القادة الأوروبيون لتطبيق تدابير مؤقتة، بينما يلوح فصلا الخريف والشتاء في الأفق.

وفي هذا الإطار، تنكب فرنسا حالياً على أكبر جهد للحفاظ على الطاقة في تاريخها منذ أزمة النفط في السبعينيات. قالت ليز تراس، قبل أن تصبح رسمياً رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، إنها «ستتصرف بشكل فوري» للتعاطي مع ارتفاع تكاليف الطاقة في حال انتخابها.

ومن جانبها، أعلنت برلين عن حزمتها بعيد يومين من إعلان «غازبروم»، عملاق الطاقة الروسي الخاضع لسيطرة الكريملن، عن تعليق غير محدد لخط أنابيب «نورد ستريم 1» الذي ينتهي في ألمانيا ويوفر الغاز لمعظم أوروبا. إذ أعلنت شركة «غازبروم» أنه تم إيجاد مشاكل خلال عمليات الفحص، وأنه سيتم إغلاق خط الأنابيب إلى حين تسويتها، ممتنعة عن إعطاء أي جدول زمني لاستئناف تدفق الغاز. وقال مسؤولون ألمان إن هذه الخطوة تحركّها دوافع سياسية، وجاءت في اليوم نفسه الذي اتفق فيه وزراء المالية لبلدان مجموعة السبعة على فرض سقف للأسعار على النفط الروسي، في مسعى لتقليص بعض عائدات الطاقة التي تواصل روسيا جنيها من أوروبا.

ومع أحدث حزمة إغاثة ألمانية – حالما يوافق عليها البرلمان، وهو أمر بات شبه مضمون – ستكون الحكومة أنفقت حوالي 95 مليار دولار على تدابير المساعدات الاقتصادية منذ الغزو الروسي في فبراير الماضي، ضمن ما يُعد واحداً من أكبر البرامج المماثلة بين الدول الصناعية.

وتعتزم برلين تمويل هذه التدابير بوساطة ضرائب الأرباح غير المتوقعة تستهدف الشركات التي تعرف أرباحها ارتفاعاً نتيجة أزمة الطاقة. وقال شولتز لمؤتمر صحفي في برلين: «إن بلدنا يواجه ظرفاً صعباً»، واعداً بأنه «لن يتم التخلي عن أي أحد».

وباعتبارها أكبر اقتصاد في أوروبا، تُعد ألمانيا من بين أكثر البلدان تضرراً من أزمة الطاقة التي تلمّ بأوروبا، حيث باتت كلفة الغاز الطبيعي تعادل نحو 10 أضعاف كلفته قبل عام. ومن بين التدابير التي كشفت عنها ألمانيا هناك مساعدات مالية للأسر، وإعفاءات ضريبية للقطاعات التي تتطلب قدراً كبيراً من الطاقة، وخيار أرخص بخصوص النقل العام.

كما أعلنت عن مخططات بخصوص خفض سعر الكهرباء، مدعوم من ضرائب الأرباح غير المتوقعة، والتي ستضمن للمواطنين قدراً معينا من الكهرباء بكلفة منخفضة. على أن يتم اعتماد سعر أعلى من ذلك إذا تجاوز الاستهلاك ذاك القدر.

وستتم جباية الضرائب على الأرباح غير المتوقعة من شركات الطاقة التي تستفيد من ارتفاع أسعار الطاقة خلال أزمة الغاز – وهم منتجو الفحم والطاقة النووية والطاقة المتجددة بشكل رئيسي. ويشعر المسؤولون الألمان بالقلق منذ أشهر؛ إذ يخشون أن يؤدي ارتفاع التكاليف إلى اضطرابات اجتماعية، وخاصة أن منظمات يسارية ومن اليمين المتطرف وعدت بتنظيم مظاهرات أسبوعية ضد ائتلاف شولتز المحسوب على يسار الوسط. كما وعدت بعض النقابات بالخروج إلى الشوارع، في وقت وصفت فيه منظمة عمالية التدابير يوم الأحد بأنها «نصف خطوة فقط». وقال شولتز يوم الأحد، إن حكومته تفهم تخوفات وبواعث قلق الشعب بسبب تكاليف المعيشة، مضيفاً: «إننا نأخذ بواعث القلق هذه على محمل الجد».

والأسبوع الماضي، قال وزير الطاقة الألماني إن البلاد في وضعٍ جيدٍ نسبياً على الرغم من التخوفات بشأن الطاقة، وذلك بعد أن تمكنت من ملء منشآت تخزين الغاز بأكثر من 80 في المئة من قدراتها الاستيعابية، وذلك بفضل استعدادات بدأت بعيد غزو أوكرانيا. كما قلّصت ألمانيا اعتمادها على الطاقة القادمة من روسيا، التي كانت توفّر أكثر من نصف وارداتها من الغاز قبل الحرب، رقم انخفض إلى أقل من 10 في المئة في شهر أغسطس.

* مراسلة «نيويورك تايمز» في برلين

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» Canonical URL: https://www.nytimes.com/live/2022/09/04/world/ukraine-russia-war-news/chancellor-olaf-scholz-announces-a-65-billion-relief-package-in-germany